بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين .
موضوع بحثنا مسألة الصحابة .
لا خلاف في أن لأصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دورا في تقدم الإسلام ، وأن الصحابة قد ضحوا في سبيل هذا الدين ، ونصروا هذا الدين بمواقفهم في الحروب والغزوات وغير ذلك من المخاطر التي توجهت إلى هذا الدين ، وإلى شخص النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
ولا خلاف أيضا في أن كثيرا من تعاليم هذا الدين وأحكام هذه الشريعة ، إنما وصلت إلى سائر المسلمين بواسطة هؤلاء الأصحاب .
إنما الكلام في أننا هل يجب علينا أن ننظر إلى كل واحد واحد منهم بعين الاحترام ؟ وأن نقول بعدالتهم واحدا واحدا ؟ بحيث يكون الصحابي فوق قواعد الجرح والتعديل ، ولا تناله يد الجرح والتعديل أصلا وأبدا ، أو أنهم مع كل ما قاموا به من جهود في سبيل هذا الدين ، وبالرغم من مواقفهم المشرفة ، أفراد مكلفون كسائر الأفراد في هذه الأمة ؟
الحقيقة : إننا ننظر إلى الصحابة على أساس التقسيم التالي ، فإن الصحابة ينقسمون إلى قسمين : قسم منهم : الذين ماتوا في حياة رسول الله ، بحتف الأنف ، أو استشهدوا في بعض الغزوات ، فهؤلاء نحترمهم باعتبار أنهم من الصحابة الذين نصروا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأعانوه في سبيل نشر هذا الدين .
القسم الثاني منهم : من بقي بعد رسول الله ، وهؤلاء الذين بقوا بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينقسمون أيضا إلى قسمين : فمنهم : من عمل بوصية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأخذ بسنته ، وطبق أوامره . ومنهم : من خالف وصيته ، ولم يطعه في أوامره ونواهيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وانقلب على عقبيه .
أما الذين عملوا بوصيته ، فنحن نحترمهم ، ونقتدي بهم . وأما الذين لم يعملوا بوصيته ، وخالفوه في أوامره ونواهيه ، فنحن لا نحترمهم . هذا هو التقسيم .
فإن سئلنا عن تلك الوصية التي كانت المعيار والملاك في هذا الحب وعدم الحب ، فالوصية هي : حديث الثقلين ، إذ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحديث المتفق عليه : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي . . . إلى آخر الحديث ( 1 ) . هذه خلاصة عقيدتنا ، ونتيجة بحثنا عن عدالة الصحابة